كاظم فنجان الحمامي:
صار أسمه منذ ستينيات القرن الماضي, وحتى يومنا هذا, رمزا من رموز الوكالات البحرية, وصار علماً من أعلام الأنشطة الملاحية التجارية في عموم الموانئ العراقية والخليجية, حتى لا نكاد نذكر اسم الوكالات البحرية, أو نتطرق لأسم أي خط من خطوط الشحن البحري, إلا ويرد اسم فاروجان (أبو هيلين) في سياق الحديث. .
لسنا مغالين إذا قلنا أن اسمه صار دالة لمعظم الخطوط التجارية المترددة على الموانئ العراقية, وعلامة فارقة في سجلات الشركة العامة للنقل البحري, وعنواناً من عناوين الثقة والاطمئنان في منظور الشركات الخليجية المرتبطة بموانئنا.
لم يتلق تعليمه العالي في الكليات والمعاهد والمراكز العلمية التخصصية, ولم تكن له في مؤسساتنا أي كتلة سياسية تدعمه وتحتضنه, كانت موهبته وخبرته وإخلاصه وتفانيه وأخلاقه العالية وسمعته الطيبة ونزاهته هي الجسور التي عبر فوقها حتى تبوأ أعلى المناصب, ونال أرفع المراتب. .
أسرة مينائية معقلية
ولد الأستاذ الكبير فاروجان كريكور خاجيكيان في اليوم الثالث عشر من شهر أيلول (سبتمبر) من عام 1936 في منطقة المعقل, وعلى وجه التحديد في دور السكك, كان والده يمثل مديرية السكك في قاطع أرصفة ميناء المعقل, وكان هو المسؤول عن تحميل وتفريغ عربات القطار بالبضائع المستوردة والمصدرة في الحقبة التي لم تكن فيها المركبات البرية بهذا الكم الهائل, ولم تكن بهذه الطاقات الاستيعابية الكبيرة. .
التحق فاروجان في صغره بمدرسة الأرمن الابتدائية المختلطة بالمعقل, ثم درس في متوسطة المعقل للبنين, وأكمل دراسته الثانوية في الفرع التجاري لإعدادية نقابة المعلمين المسائية بالبصرة.
بدأت حياته الوظيفية عام 1954 في قطاع النقل والإخراج الجمركي, واستطاع بعد عامين بالتمام والكمال أن يفتح مكتباً باسم (تحميلات ونقليات فاروجان), فسجل منذ ذلك اليوم نجاحاً محدوداً, بالمقدار الذي سمح له باقتحام حصون شركة النقل البحري, مستعيناً بخبرته الميدانية, فارتبط وظيفيا بفرع الوكالات البحرية, مبتدأً السلم الوظيفي من درجة (ملاحظ), كان ذلك في اليوم الأول من شهر حزيران عام 1969, لكنه سرعان ما أحرز المزيد من النجاحات المهنية والمهارية, وربما ساعدته لغته الإنجليزية, التي يتقنها لفظاً وحواراً وكتابة, ويجيدها إجادة تامة. .
لم تكن الابتسامة تفارق وجهه الحليق حتى في أحلك الظروف, ولم يكن يغادر العمل حتى بعد انتهاء الدوام الرسمي, وغالبا ما كان يمضي الليل كله, يتابع تفريغ هذه السفينة, أو يراقب وصول سفينة أخرى قادمة من أوربا أو آسيا, أو يحصي الحاويات المشحونة والمعادة بأسلوبه التقليدي الذي لا يحتمل الخطأ. .
استمر في عمله بهذه الروح وعلى هذا المنوال حتى ارتقى إلى درجة مدير, وترأس فرع الوكالات في البصرة, وكان معاوناً للمدير العام في الشركة العامة للنقل البحري, وظل في هذا المركز الإداري المرموق لحين إحالته إلى التقاعد في اليوم الأخير من الشهر الأخير من عام 1999. . .
تزوج فاروجان من السيدة (أليس مهران كُلاميريان) في التاسع عشر من آب عام 1960, وكان والدها مراقباً للعمال في قسم الهندسة المدنية التابع للموانئ العراقية, وهي من خريجات ثانوية البنات بالبصرة, ثم التحقت بدورة تربوية أهلتها للعمل بدرجة (معلمة) في سلك التعليم, فاختارت ضواحي منطقة (الهارثة) ومدارسها الريفية المتواضعة, انتقلت بعدها إلى مدرسة الزهاوي بالعباسية, وأحيلت إلى التقاعد عام 1986, وكانت من خيرة المربيات الفاضلات.
سر النجاحات الفاروجانية المتواصلة
كل القصة وما فيها أن هذا الرجل يقدس عمله إلى درجة الولاء المطلق للموانئ والأرصفة والسفن والبضاعة المشحونة في عنابرها, يعرفنا كلنا بالاسم, ويعرف كل الذين عملوا معه أو في معيته, لم ينس منهم أحد, فهو (أطال الله بعمره) يمتلك ذاكرة فولاذية لا تصدأ, ولا تعرف للعطب, أما أسلحته التي أحرز فيها هذه السمعة الطيبة, فهي كلامه الصادق المباشر, الذي لا يعرف اللف والدوران, ومواعيده الدقيقة, واحترامه للعلاقات الوظيفية المبنية على السياقات الصحيحة, ومرونته في التعامل الحضاري مع الصغير والكبير.
لا مراء أن كل شخص على وجه الأرض يحب النجاح, ويحب أن يكون متفوقاً ومتقدماً على أقرانه, لكنني أجد نجاح فاروجان له طعم آخر, وله سر خفي لا يعرفه الناس, قلت له ما سر نجاحك يا أستاذ أبو هيلين, فأجابني ببساطته المعهودة: ((شوف كاظم, أنا لا أحابي أحد, ولا أعادي أحد, ولا انظر إلى المستوى الاجتماعي للناس, ولا إلى رصيدهم المالي, ولا إلى وضعهم الوظيفي, فما تزرع تحصد, وهذا هو سر النجاح والتفوق, لأنك إذا عرفت سر وقانون النجاح ستتفجر عندك كل الطاقات المخزونة بداخلك, والتي أوجدها الله فيك, ويتعين عليك أن تحسن الظن بالناس, ولا تنسى التفاؤل الذي يمنحك قوة التفكير الايجابي, ويخلصك من الأفكار السلبية, فكثير ما تمر على الإنسان تجارب ظاهرها محنة, لكنها تحتوي على الخير كله, فمن يدري رب ضارة نافعة, وربما تكون المشاكل التي نواجهها أحياناً هي النافذة التي سيأتي منها الخير المجهول, الذي لا يعلمه إلا الله, ومن الله التوفيق)).
مواقف مخزونة في الذاكرة
تألق هذا الرجل بمشاركته الفاعلة عام 1979 في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد), ونال استحسان الجميع باعتراضه على الزيادة القسرية, التي اقترحتها رئاسة المؤتمر بنسبة 15% على أجور شحن بضائع السفن المتوجهة إلى الموانئ العراقية, فكان فاروجان أول المعترضين على تلك الزيادة المفروضة على العراق, واستطاع بشجاعته الأدبية, ولغته الانجليزية المتقنة أن يقنع أعضاء المؤتمر, بعد أن استعرض أمامهم سلسلة من المبررات والوثائق والأدلة العلمية التي دحضت تلك الزيادة المقترحة.
كانت له مواقف أخرى تميزت بتحدي المعضلة الكبيرة التي واجهتها الموانئ العراقية في سبعينيات القرن الماضي, والتي تفجرت فيها أزمة اكتضاض السفن الوافدة إلى العراق, وتكدسها في منطقة الانتظار وتجمعها عند مقتربات خور عبد الله.
لم تكن الوزارات العراقية تنسق أنشطتها الاستيرادية وقتذاك مع وزارة النقل والمواصلات, فالتعاقدات الارتجالية غير المدروسة, والصفقات التجارية العشوائية غير المخطط لها, هي السبب المباشر في تفجر هذه الأزمة وتفاقمها, فوجد فاروجان نفسه في خضم هذه المعركة التي تكاثرت فيها الخروقات, وتعددت فيها المعضلات, وتراكمت فيها الأخطاء, فكان أول من فكر باستحداث لجنة أو هيأة وطنية تعنى بتنظيم نقل البضائع المستوردة عبر الموانئ العراقية, وكان من بين القلائل الذين وقفوا بوجه العاصفة, فواصل الليل بالنهار, وكرس جهوده كلها في تذليل تداعيات تلك المشكلة. .
ولهذا الرجل النبيل مواقف أخرى تعكس عفته وأمانته, أذكر أنني في يوم من الأيام كنت مكلفاً بإرشاد سفينة الركاب الإماراتية (جبل علي) من ميناء أم قصر إلى البحر, لم تكن السفينة جاهزة للإبحار, ولم تكن فيها غرفة مريحة مخصصة للمرشد, فخصص لي رئيس الضباط غرفة كبيرة من غرف الدرجة الأولى, دخلت الغرفة واستلقيت على السرير لحين اكتمال أعمال السفينة, بانتظار جاهزيتها للإبحار, فجلبت انتباهي قطعة ذهبية براقة مربوطة بسلك, ومعلقة بسقف الغرفة, نهضت من سريري والتقطها, فإذا بها قطعة ثمينة, مصنوعة على الطراز الهندي, تشبه السوار, غادرت غرفتي على الفور, وتوجهت إلى مكتب الأستاذ فاروجان في السفينة, فوضعت السوار على المنضدة, وسردت له الموقف, فشكرني وأمسك بيدي, واصطحبني إلى غرفة القبطان, وطلب منه تحرير وصل رسمي باستلام السوار, وإشعار الشركة المالكة, ولم تمض بضعة أيام حتى استلمت مكافأة مالية مجزية من الشركة الإماراتية, وكتاب شكر وتقدير من الموانئ العراقية, محفوظة نسخة منه الآن في اضبارتي الشخصية. .
المحطة الأخيرة
على الرغم من اقترابه من عتبة العقد الثامن من العمر, مازال (أطال الله بعمره) يحتفظ بحيويته القديمة, ينهض في الصباح الباكر, يرتدي ثيابه الأنيقة, يجلس في مكتبه الصغير, يتواصل مع إدارات خطوط الشحن البحري في الخليج وأوربا, يجيب على استفسارات الوكالات البحرية الأخرى, ولا يبخل على تلاميذه بالنصح والتوجيه, فالرجل حجة في اختصاصه, وعلم من أعلام الوكالات البحرية, لا يشق له غبار في هذا المضمار. .
ربما يعترض المعترضون على إدراجنا لأسم الأستاذ الكبير فاروجان في قائمة أعلام البصرة, خصوصاً بعد أن اعتاد الناس على اقتصار هذه القائمة على الأدباء والفقهاء, لكننا نقول لهؤلاء أن البصرة قلعة مينائية كبيرة من قلاع العلوم والفنون والآداب, وواجهة بحرية مهيبة, كانت فيما مضى جسراً للعالم القديم, ترتبط بها القارات الثلاث بقوافلها البرية والبحرية, فمن غير الجائز أن نغفل ذكر أعلامها الذين كان لهم الفضل الكبير في إعلاء شأنها البحري والملاحي والتجاري في حوض الخليج العربي والمحيط الهندي. .
Source: Hagop Tatyosian
Kazem Erythema :
Became his name since the sixties of the last century, and to this day , a symbol of the maritime agencies , and became a note of the flags of activities maritime trade across the ports of Iraq and the Gulf , do not even hardly mention the name of the maritime agencies , or touching the name of any line of Varojan 2 shipping lines , but the name Varoujan ( Abu Helen ) in a modern context . .
We are not overemphasized if we say that his name has become a function of most commercial lines calling at Iraqi ports, and a milestone in the records of the General Company for Maritime Transport , and the title of addresses trust and confidence in the perspective of the Gulf companies associated Bmwanina .
Has not received his higher education in colleges , institutes and centers specialized scientific , did not have in our institutions any political bloc backed embraced , it was his talent , experience and dedication , dedication and morals and high reputed and integrity are the bridges that cross over it even held the highest positions , and received the highest echelons . .
Family enamel reasonableness
Born grand master Varoujan Krikor Khagiuaan on the thirteenth day of the month of September 1936 in the stronghold , and specifically the role of the rail , his father was a Directorate rail boycotted the docks stronghold , and was responsible for loading and unloading train cars goods imported and exported in the period which they were not ground vehicles with this avalanche , this was not large absorptive capacity . .
Varoujan youngster joined the Armenian school Primary mixed Palmakl , then studied at medium stronghold for Boys, and completed his secondary education at the commercial branch of the evening junior high teachers ‘ union in Basra.
Began his career in 1954 in the transport sector and output clearance, and was able to two years after Exactly to open an office on behalf of ( downloads and Transport Varoujan ), scored Since that day had limited success , the extent that allowed him to storm the bastions of the shipping company , drawing on his experience field , فارتبط functionally branch maritime agencies , beginning the career ladder of degrees ( observed ) , it was the first day of the month of June 1969, but he soon scored more successes professional and technical skills , and perhaps helped him to his English , which is spoken by a rude and dialogue and writing, fluent proficiency . .
Were not smile dissociation and face clean-shaven , even in the darkest conditions , and did not leave work until after office hours , and often spends the whole night , following the unloading of this ship , or watching the arrival of another ship coming from Europe or Asia, or count the containers shipped and returned style traditional , which is not likely error. .
Continued to work in that spirit and in this manner even elevated to the degree of the director, presided over a branch agencies in Basra , and was an aide to the Director General at the General Company for Maritime Transport , remained in the administrative center of the prestigious until forwarded to retire on the last day of the last month of 1999. . .
He married Varoujan from Mrs. (Alice Mehran Clamireyan ) on the nineteenth of August in 1960, and her father was an observer of workers in the civil engineering department of the Iraqi Ports , one of the graduates of secondary girls in Basra , then joined the cycle of educational allowed it to work degree Varojan 1 ( teacher) in the wire education, chose the outskirts of the area ( Hartha ) modest and rural schools , then moved to a Zahawi Abbasia the school , and was transmitted to retire in 1986 , and was one of finest nannies الفاضلات .
Secret successes Alfarojanih the ongoing
Each story is and where this man sanctifies his work to the point of absolute loyalty of ports and docks , ships and cargo in عنابرها , knows us all by name, knows all who worked with him or in معيته , did not forget one of them , he ( may God prolong his age ) has a memory , steel does not rust , is not known to damage , while the weapons that made them such a good reputation, it is his sincere direct , who does not know twisting and turning , and his appointments minute, and respect for relations career based on contexts correct , and flexibility in dealing civilization with small and large .
No doubt that every person on earth loves success, and likes to be ahead and ahead of his peers , but I find the success of Varoujan him another taste , and has kept secret does not know the people, I told him what the secret of your success , sir Abu Helen, he replied simplicity usual : (( look Kazim, I do not Ahabi one, not أعادي one , do not look at the social level of the people, nor to their balance financial , nor to their career , what are grown harvested, and this is the secret of success and excellence , because if you knew the secret and the law of success ستتفجر have all the energy stored inside you , and created by God in you, and you have to be improved conjecture with people, and do not forget the optimism that gives you the power of positive thinking , and save you from negative thoughts , many are passing on the human experiences of face value plight , but they contain all goodness , who knows a silver lining , and perhaps the problems we sometimes face is the window that good will come of them unknown, which no one knows except God, and reconciled to God )).
Positions are stored in the memory
Brilliance of this man taking part actors in 1979 in the United Nations Conference on Trade and Development (UNCTAD), and won the approbation everyone objection to the increase of coercive , proposed by the President of the Conference by 15% on the wages of Cargo ships bound for Iraqi ports, was Varoujan first objectors to the increase imposed on Iraq , and was able to moral courage , but his English is well placed to convince the members of the Conference , having them reviewed a series of justifications and documents and scientific evidence that refuted that the proposed increase.
Varojan 3
His other positions were marked by challenging the big dilemma faced by the Iraqi ports in the seventies of the last century, which erupted crisis Aktdad the ships coming to Iraq, and their accumulation in the waiting area and collected at the Khawr Abd Allah approaches .
Were not Iraqi ministries coordinate their import at the time with the Ministry of Transport and Communications , Valtaakedat improvisational is studied, and business deals random , unplanned , is the direct cause of the outbreak of the crisis and aggravation , and found Varoujan himself in the midst of this battle, which proliferated in which violations , colorful where dilemmas, and accumulated errors , was the first thought of the development committee or the board of a National organizing the transport of goods imported through the ports of Iraq, and was among the few who stood in the storm , day and night breaks , and devoted all his efforts to overcome the repercussions of that problem . .
For this noble man other positions reflect modesty and honesty , I remember the day I was charged with the guidance of the passenger ship UAE (Jebel Ali ) from the port of Umm Qasr to the sea, were not ship ready to sail , and was not a comfortable room dedicated guide , Fajss me Prime officers a large room of the rooms first class, entered the room and استلقيت on the bed until the completion of the work of the ship, waiting for their readiness to sail , فجلبت my attention gold pieces glamorous tied with wire , and hung ceiling room, I got up from my bed and taken , if the valuable piece , made on the Indian style , like bracelets , I left my room immediately, and went to the office of Mr. Varoujan in the ship , I put the bracelet on the table, and recounted his position, Vhkurna and grabbed my hand and took me to the room, the captain, and asked him to edit arrived formal receipt of the bracelet, and notice of the owning company , have not gone a few days until you receive rewarding financial reward from the UAE company , and a book of thanks and appreciation from the Iraqi ports, reserved a copy of it now in personal Aillarta . .
The Last Station
Although approaching the threshold of the eighth decade of life, is still ( may God prolong his age ) retains vitality old , get up early in the morning , wearing his clothes, elegant , sitting in his small office , communicates with the departments of shipping lines in the Gulf and Europe , answers to queries maritime agencies the other , does not spare his disciples advice and guidance , the man in the argument of competence , and aware of the flags of the maritime agencies , do not shove him in this regard dust . .
Maybe objected objectors on Our inclusion of the name of grand master Varoujan in the list of the flags of Basra , especially after the people used to be limited this list to writers and scholars , but we say to those that Basra Castle enamel large castles Sciences , Arts and Letters , and the interface freely imposing , was once a bridge to the world old , are connected by three continents Bakualha land and sea , it is possible that fail to mention their flags who had the great merit to uphold the will of marine and maritime trade in the basin of the Arabian Gulf and the Indian Ocean. .
Source: Hagop Tatyosian